مقالات

لا يخفى على احد المستوى الكبير الذي وصل إليه عالم التصوير اليوم، بحيث سمي عصرنا هذا بعصر الصورة لما لها من أهمية ومكانة كبيرة في حياتنا اليومية شملت كل مفاصل الحياة، ودخلت في كل فروع العلم والمعرفة من قبل كل المؤسسات التي تنظم حياة الإنسان كل حسب اختصاصه.

لدى استعراض المؤسسات التي تهتم بالتصوير الضوئي كعلم وفن في الوطن العربي نرى ان هنالك تفاوتا كبيرا بين دولة عربية وأخرى من ناحية الاهتمام بهذا الجانب المهم والحيوي في حياتنا اليومية .

ومن هنا لابد من الوقوف لبرهة من الزمن لمناقشة هذا الموضوع وإعطاءه حقه في الاهتمام، شانه شان العلوم والفنون الأخرى، لنعرف أين مكاننا وموقعنا في عالم التصوير وما وصلنا إليه ونعطي هذا الجانب حقه في المناقشة و وضعه في المكانة اللائقة له ونهتم به بالحجم و الأهمية التي يحتاجه كل بلد عربي .

من الطبيعي أن هنالك فرقا كبيرا في المستوى بين مصورينا العرب والمصورين الأجانب في الدول الغربية من ناحية المستوى التعليمي والثقافي والتكنولوجي للمصور ويعود ذلك للاهتمام الكبير للمؤسسات المعنية بالتصوير من ناحية التعليم المهني و التعليم الجامعي والوزارات المتخصصة بالثقافة والإعلام والمؤسسات والوكالات الإعلامية والصحفية والإعلانية وكل الجهات التي يدخل التصوير بأقسامها وفي عملها وخصوصا القسم الأكبر والاهم قسم التصوير الصحفي لكثرة انتشار الصحف والمجلات والدوريات والمطبوعات الأخرى .

ولو تم توجيه السؤال التالي: 

من المسؤول عن الاهتمام بعلم وفن التصوير في بلداننا العربية ؟

لسمعنا الجواب واضحا في بعض الدول, ومتهربا من الإجابة عليه في الدول العربية الأخرى.

لقد حان الوقت لان تهتم المؤسسات المعنية بالتصوير الضوئي في الوطن العربي بكل أقسامه وأنواعه كل حسب الاختصاص الذي تختص به، وإعطاءه الأهمية التي يستحقها ليأخذ أبناء البلد من مصوريه و فنانيه ومبدعيه الحق بالاهتمام للوصول للمكانة التي يستحقها بين مصوري العالم، و ليأخذوا دورهم في تمثيل بلدهم ونقل الصورة الجميلة عن بلدانهم إلى شعوب العالم المختلفة من خلال المعارض والفعاليات والملتقيات الفنية والترويجية والاجتماعات واللقاءات العربية والعالمية .

ومن هذا المنطلق يجب إن تأخذ كل جهة من الجهات المعنية دورها في هذا الجانب فمثلا : 

الوزارات والمؤسسات في البلدان العربية يجب أن تأخذ دورها في إدخال مادة التصوير الضوئي في مناهج كليات الإعلام بشكل جدي ليصل إلى درجة التخصص ومنح شهادة البكالوريوس في التصوير الصحفي وهذا ليس بكثير على كليات الإعلام لتمارس واجباتها تجاه هذا العلم الواسع ليصل أبنائنا ألطلبه إلى المستوى اللائق بهم في هذا المجال، حيث إن ما موجود حاليا في مناهج كليات الإعلام لا يصل إلى 10% من مادة التصوير لما هو مطلوب ويدرس بشكل غير جدي وكأنه إسقاط فرض و لاتتم الاستفادة منه بشكل عملي، مما يجعل الطلبة يعتمدون على أنفسهم في أغناء معلوماتهم من المصادر الخارجية، إضافة لتدريس هذه المادة من قبل دكاترة لم يمارسوا التصوير العملي أصلا في بعض البلدان وبالنتيجة ضعف المعلومة التي يتلقاها الطالب، وتدريس مادة التصوير التلفزيوني والسينمائي في كليات الفنون والتوسع في تدريسها في الأقسام السمعية والبصرية لتخريج الكفاءات المتميزة والمقتدرة التي تخدم البلد وتؤدي دورها في سد حاجة المؤسسات من الكوادر العلمية المتخصصة في كل مجالات التصوير إضافة إلى تثوير الطاقات الطلابية المبدعة في مجال تنمية الهوايات التي يمتلكها الطلبة وتطويرها وصقلها، وإقامة معارض التصوير لطلبتها بشكل جدي وقيام الكليات المتخصصة بإقامة ورش العمل والمحاضرات والندوات التخصصية من خلال استضافة المبدعين والمحترفين من أبناء البلد والضيوف القادمين إليها واستغلال كل فرصه ممكنه لإشباع رغبات الطلبة من مادة التصوير الضوئي المحببة للجميع .

وزارات التعليم الفني والتدريب المهني في بعض الدول العربية اهتمت مشكورة بإدخال مادة التصوير الضوئي في مناهجها لتمنح شهادة الدبلوم في التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني بعد دراسة متخصصة لمدة سنتين وهذا ما يبعث الفخر والاعتزاز في نفوسنا كما موجود في المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية، ونتمنى أن يتم التوسع في هذا المجال ليشمل الدول العربية الأخرى مع إعداد المناهج والمقررات الدراسية المطلوبة لها. 

كما أن هنالك معاهد للفنون في بعض الدول العربية تدرس مادة التصوير ولكن ليس بتخصص, حيث تعتبر جزء مكمل للمقررات الدراسية الأخرى .

وزارات الثقافة والإعلام كل حسب اختصاصها من ناحية إقامة النشاطات والفعاليات والمعارض الشخصية والجماعية لفناني التصوير أسوة بالفنانين التشكيلين من رسامين ومصممين وغيرهم، والعمل على إقامة المسابقات الفنية الكبيرة في مجال التصوير سواء على مستوى البلد او البلدان الأخرى وتخصيص الجوائز والشهادات التقديرية لإبراز الجوانب المشرقة للبلد، وتشجيع مؤسساتها بالمشاركة في كافة المعارض العربية والعالمية والملتقيات الفنية لا ننسى أن أهم ما تفرزه هذه المعرض هو تقديم الوجوه الفنية الجديدة التي تجاوزت مرحلة الممارسة لتصل لمرحلة الاحتراف وتشجيع المنافسة لغرض الإبداع وكسر الاحتكار لدى البعض في هذا المجال . 

وزارات السياحة ومؤسسات الترويج السياحي والشركات المتخصصة بالسياحة حيث تأخذ الصورة أهمية كبيرة في عملها وهنالك دول كثيرة تكون السياحة عمودها الفقري، والترويج السياحي يعتمد بالدرجة الأساس على الأفلام الفيديوية والصور الفوتوغرافية التي تحتل نسبة كبيرة من البوسترات والفولدرات والكتب و المطويات والكارتان السياحية وكافة أنواع وسائل التعريف المتعارف عليها في دول العالم، حيث تكون الصورة الوسيلة الأبلغ في إيصال الحقيقة إلى الآخرين للتعريف بجمال وطبيعة الأماكن وسحرها الذي لامثيل له ومن هنا يتطلب من هذه المؤسسات المعنية الاهتمام بالصورة الفوتوغرافية و تأسيس أقسام متخصصة بالتصوير واختيار المصورين الذين لديهم اهتمام خاص ومتخصصين بالتصوير السياحي وفتح الدورات التاهيلية لهم وتوفير كافة المستلزمات التقنية الحديثة التي يتطلبها عملهم للوصول إلى تقديم صور مثالية ومتميزة تؤدي دورها في إيصال الرسالة المشرقة التي تهدف من خلالها المؤسسات السياحية للترويج لنشاطها السياحي ومحاولة تجديد الصور عن هذه الأماكن دوريا وعدم الاعتماد على صور التقطت منذ سنين مضت ومحاولة إقامة المعارض المتخصصة والجماعية الخاصة بالتصوير السياحي والموروث الشعبي إضافة إلى إقامة مسابقات على مستوى إقليمي أو دولي يشارك فيه مصورون من مختلف المستويات لإظهار إمكانياتهم في إبراز جمال البلد و تقديمه بالصورة المثالية وفق رؤية المصور المتخصص والابتعاد عن الصور التقليدية والمصورين الضعفاء .

مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بالطلبة والشباب والمرأة وغيرها من الجمعيات التي تقدم خدمات لأعضائها ومشاركتهم بتنمية المواهب والقابليات لمنتسبيها وتقديم الدورات المتخصصة التي تعود بالفائدة والنفع لأعضائها وتطويرها لتصبح مهنة متخصصة لهم في مجالات التصوير الصحفي والتجاري والأستوديو والمناسبات. 

نقابات وروابط وجمعيات الصحفيين والإعلاميين بشكل عام والمصورين الصحفيين، حيث يتوجب قيامها بالاهتمام بتطوير هذا الجانب لدى أعضائها وإقامة الدورات المتخصصة وورش العمل لتطوير إمكانيات منتسبيها .

شركات الدعاية الإعلان وضرورة تشجيع مصوريها وتطوير إمكانياتهم من خلال زجهم في الدورات التاهيلية المتخصصة وتزويدهم بالمعدات والتقنيات الحديثة .

اتحادات و جمعيات وروابط وبيوت ومنتديات التصوير في الدول العربية والتي تأخذ على عاتقها نشر ثقافة الفوتوغراف وجعلها في متناول يد الجميع والأخذ بيد هواة التصوير لتطوير مواهبهم وقابليتهم ويجب ان تأخذ على عاتقها تمثيل المصورين في المحافل العربية والدولية والمعارض والمسابقات المختلفة في كل بقاع العالم وتشجيع المشاركة الجماعية للمصورين بكافة أصنافهم وتخصصاتهم ومستوياتهم دون التمييز بين واحد وأخر وعدم الاستئثار بالامتيازات لمجموعة دون أخرى وإقامة المعارض الشخصية للمصورين حسب أهميتها ووضع أجندة خاصة بها على مدار السنة .

كما تعمل هذه الجمعيات على مواكبة التطور العلمي والتقدم التكنولوجي ومتابعة أخر المستجدات في عالم التصور الرقمي وإيصاله لمنتسبيها ونشر الدروس التعليمية وتغطية النشاطات والفعاليات الخاصة بأعضائها من خلال إصدار مجلة متخصصة بالتصوير وموقع الكتروني على شبكة الانترنيت، واستضافة المعارض العالمية والعربية والشخصية وإقامة الأماسي الفنية لعدد من المصورين الفنانين المعروفين على مستوى الوطن العربي والعالم، لشرح تجربتهم الشخصية في عالم التصوير، على إن لاتتجاهل أعضائها البارزين والمتميزين 

كما تقوم هذه الجمعيات بتنظيم الرحلات المتخصصة لمنتسبيها وفق منهاج علمي مدروس إلى المناطق المهمة التي ترتأى هذه الجمعيات التوجه إليها حسب أهميتها .

وتقوم أيضا باستضافة المتخصصين لإلقاء محاضرات على منتسبيها لزيادة معلوماتهم العلمية والفنية والتشجيع على زيارة المعارض الشخصية والعامة للفنانين التشكيلين للاطلاع على تجربتهم والاستفادة من الرؤيا التي يتمتعون بها في نظرتهم للموضوعات .

والاهم في نشاط هذه الجمعيات هي إقامة ورش العمل المتخصصة لتطوير قابليات مصوريها وتقديم نتاجات متميزة على يد المتخصصين في هذا الفن وإقامة الندوات والحلقات الدراسية المختلفة في مجال التصوير .

من خلال ما تقدم نرى إن هنالك مسؤولية تقع على عائق كل المؤسسات المذكورة وغيرها في تطوير ونشر فن الفوتوغراف ولا نبالغ أو نغالي إذا قلنا إننا مازلنا في بداية الطريق في عالم التصوير وهنالك دول عربية لاتوجد فيها جمعية أو رابطة أو نادي واحد للتصوير بينما توجد في اى بلد من البلدان الاوربيه مئات المؤسسات والنوادي والروابط العلمية والتدريسية والاجتماعية الخاصة بالمصورين .

ألا يحق لنا كمصورين عرب أن نكون متفائلين ونطمح لتحقيق الأحلام لكل واحد منا وبالتالي تكون أحلامنا خدمة لبلداننا شعبنا.